رسوم جمركية تتغير فجأة، انخفاض سعر النحاس بنسبة 22% يثير اضطرابات السوق

تحول مفاجئ في السياسة في ساعة متأخرة من الليل أدى إلى فوضى في سوق النحاس العالمية. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأة في 31 يوليو عن خطة رسوم جمركية جديدة، حيث كانت التوقعات السوقية تشير إلى "رسوم جمركية شاملة على النحاس" لكن تم استثناء الكاثود النحاس من ذلك تمامًا. فور إصدار هذا الإعلان، انهارت عقود النحاس الآجلة في نيويورك بشكل مفاجئ، مسجلة أكبر انخفاض يومي في تاريخ الصناعة.

**انهيار الأرباح الناتج عن تلاشي فرص التحوط**

في عطلة نهاية الأسبوع قبل الإعلان، كان السوق يغمره التفاؤل. نظرًا لتوقعات أن الرسوم الجمركية ستطبق بشكل كامل، بدأ التجار العالميون في شحن كميات كبيرة من النحاس إلى الولايات المتحدة، محاولين الاستفادة من الفرص قبل تطبيق السياسة الجديدة. وكانت علاوة سعر النحاس في نيويورك على السعر المرجعي في لندن قد ارتفعت إلى أكثر من 3000 دولار للطن — مما جذب مليارات الدولارات من رؤوس الأموال للاستثمار في هذا الفارق الكبير.

لكن قرار البيت الأبيض النهائي جاء كصدمة باردة. تم استثناء الكاثود والنحاس الخام والمعادن المكررة من الرسوم، مما قضى على خطط التحوط للمستثمرين. وفقًا لأحدث البيانات، انخفض سعر عقود النحاس في نيويورك لشهر سبتمبر إلى 4.3475 دولار للرطل (حوالي 9623 دولار للطن)، محققًا انخفاضًا إجماليًا بنسبة 22%. كما انهارت العلاوة التي كانت تثير الغيرة — حيث انخفضت بنسبة 97% من أعلى مستوى لها، وتبقى الآن عند 104 دولارات فقط.

ماذا يعني ذلك؟ تلاشت خلال أسابيع قليلة عمليات التحوط المدبرة بعناية خلال ساعات قليلة، وتحول مخزون النحاس في الموانئ الأمريكية من مورد ثمين إلى عبء ثقيل في ليلة واحدة.

**مساومات الصناعة وتنازلات السياسة**

يعتقد محللو السوق بشكل عام أن هذا التحول في السياسة لم يكن بدون أسباب. فإنتاج النحاس المكرر في الولايات المتحدة لا يكفي لتلبية الطلب المحلي، وبدأ عمالقة صناعة النحاس في ممارسة الضغط، مما أدى في النهاية إلى تغيير البيت الأبيض لوجهته. هذا القرار جاء ليوازن بين حماية الصناعة المحلية واستقرار سلاسل التوريد العالمية.

بعد انخفاض سعر النحاس، سرعان ما استعاد السوق توازنه. وأشار بعض المؤسسات الاستثمارية إلى أن سعر النحاس عند مستوى 4.5 دولارات للرطل يعكس الآن التقييم العادل بعد إصدار سياسة الرسوم الجمركية. من وجهة نظر السوق، انتهت فترة الذعر الناتجة عن التوقعات بفرض رسوم، ولم تعد سلاسل التوريد تواجه تحديات تحوط مفرطة.

**سيف مهدد فوق الرأس**

لكن ما يجب أن نكون حذرين منه هو أن وثائق البيت الأبيض تشير إلى "تأجيل" وليس "إلغاء". وفقًا للإعلان، يتعين على وزارة التجارة تقييم رسوم النحاس المكرر بحلول يونيو 2026، وسيقرر الرئيس بناءً على ذلك ما إذا كان سيتم تفعيل "آلية الرسوم التدريجية" — حيث من المتوقع أن تصل المعدلات إلى 15% في 2027، وترتفع إلى 30% في 2028.

بمعنى آخر، لا تزال سيوف ديموقليس مهددة فوق رؤوس سلاسل التوريد العالمية للنحاس. لم تتلاشى أشباح الرسوم الجمركية بعد، وإنما توقفت مؤقتًا.

**الدروس المستفادة للمستثمرين**

تكشف هذه المفاجأة الليلية عن هشاشة سوق المعادن أمام السياسات الأمريكية. يمكن لمليارات الدولارات من رأس المال أن تتبخر خلال ساعات قليلة بعد الإعلان عن السياسات، ولا توجد أدوات تحوط أو استراتيجيات تغطية كاملة يمكنها حماية المستثمرين من مثل هذه المخاطر.

ما يحتاجه المستثمرون هو فهم أن مفاوضات الرسوم بين أكبر اقتصادين في العالم، الصين والولايات المتحدة، لا تزال مليئة بالمخاطر، وأي إشارة سياسية جديدة قد تؤدي إلى تقلبات حادة في السوق. بالنسبة لمحافظ الاستثمار في السلع الأساسية، فإن اليقظة المستمرة وتعديل المراكز بشكل سريع أصبح ضرورة. قصة انخفاض سعر النحاس تذكر جميع المشاركين في السوق — أن توجهات السياسات أكثر تأثيرًا على المدى القصير من التحليل الفني، وأنها أصعب في التنبؤ.