تقلبات الذهب اليوم: بين جني الأرباح وآمال خفض الفائدة

الذهب يتراجع من أعلى مستوياته مع إعادة فتح الحكومة الأمريكية

شهدت أسعار الذهب ارتباكًا واضحًا اليوم الجمعة 14 نوفمبر، حيث تراجعت من ذروتها التي بلغت 4,244.94 دولارًا للأونصة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. كان الدافع الرئيسي لهذا الانزلاق هو إعادة فتح الحكومة الأمريكية بعد أطول إغلاق في التاريخ، مما أطلق موجة بيع شاملة عبر الأسواق المالية. استجاب المستثمرون بتحويل استراتيجيتهم من الشراء إلى تحقيق الأرباح، خاصة بعد الارتفاع الملحوظ الذي شهده المعدن الأصفر خلال الأيام السابقة.

رغم هذا التراجع، ما زال الذهب محتفظًا بمكاسب أسبوعية قوية بلغت حوالي 5.4%، ما يعكس استمرار الطلب على الملاذ الآمن في بيئة اقتصادية غير مستقرة. تتأرجح الأسعار حاليًا بين 4,171 و4,201 دولار للأونصة، وهي نطاقات تعكس حالة توازن بين القوى الصعودية والهبوطية.

البيانات الاقتصادية المفقودة تزيد من الغموض

أحد التأثيرات الرئيسية لفترة الإغلاق الحكومي الطويلة هو فقدان مؤشرات اقتصادية حيوية، خاصة تلك المتعلقة بسوق العمل الأمريكي. كانت توقعات ضعف سوق العمل أحد أهم الدوافع وراء ارتفاعات الذهب، لكن انقطاع تدفق البيانات الرسمية خلق حالة من عدم اليقين جعلت المتعاملين يتخذون موقفًا أكثر حذرًا.

يترتب على هذا الغموض أن قراءة البنك الاحتياطي الفيدرالي للأوضاع الاقتصادية أصبحت أكثر صعوبة، ما انعكس مباشرة على توقعات احتمالية خفض الفائدة في شهر ديسمبر.

تراجع احتمالات الخفض تضع الذهب تحت ضغط

كانت هناك تطورات سلبية على جبهة التوقعات النقدية. انخفضت احتمالية قيام الفيدرالي بخفض الفائدة في ديسمبر من 64% إلى 51% وفقًا لأدوات المراقبة. جاء هذا الانخفاض عقب تصريحات متشددة من عدة أعضاء في مجلس الفيدرالي، بالإضافة إلى تحذيرات من رئيس البنك جيروم باول بشأن عدم ضمان أي خفض إضافي خلال هذا العام.

يؤثر هذا بشكل مباشر على الذهب، لأن الأصول غير المدرة للعائد مثل المعدن الأصفر تستفيد من بيئة معدلات فائدة منخفضة. الارتفاع في توقعات الفائدة يقلل من جاذبية الذهب نسبيًا.

الدولار يضعف مما يدعم الذهب

على الجانب الإيجابي، استمر مؤشر الدولار DXY في التراجع للجلسة الثانية على التوالي. يعني ضعف الدولار أن الذهب يصبح أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، حيث ينخفض سعره بالعملات المحلية لديهم.

هذا الضعف في الدولار يعوض جزئيًا تأثير ارتفاع توقعات الفائدة، مما يبقي الذهب في منطقة توازن حساسة جدًا.

عوائد السندات ترفع تكلفة الفرصة البديلة

زادت عوائد سندات الخزينة الأمريكية خلال الجلسة، وهو ما يرفع من تكلفة امتلاك الذهب الذي لا يدر عائدًا مباشرًا. كلما ارتفعت عوائد السندات، كلما ارتفعت تكلفة الفرصة البديلة لاختيار الذهب على الاستثمارات الأخرى المدرة للعائد.

هذا العامل أيضًا ساهم في محدودية المكاسب خلال الساعات الصباحية من تداولات اليوم.

تحليل المستويات الفنية: أين يتجه الذهب؟

من الناحية الفنية، يتحرك الذهب بالقرب من منطقة مقاومة حساسة بين 4,188 و4,200 دولار. اختراق هذه المنطقة بشكل حاسم قد يفتح الطريق أمام اتجاه صاعد إضافي نحو 4,270 دولار، ثم اختبار القمة التاريخية عند 4,381 دولارًا.

من جهة الدعم، يشكل مستوى 4,171 دولار أول خط دفاع حقيقي. كسر هذا المستوى قد يعيد الأسعار نحو 4,046 دولار، وهو المستوى الأساسي للاتجاه الصاعد الأسبوعي. في حالة تصحيح أعمق، يأتي مستوى 3,928 دولار كدعم رئيسي آخر.

مؤشر القوة النسبية RSI يتحرك حاليًا بين 60 و67 نقطة، وهو يشير إلى زخم إيجابي بدون تشبع شرائي، مما يترك مجالًا للصعود الإضافي.

الفضة تقود المعادن النفيسة الأخرى

بينما يعاني الذهب من التراجع المؤقت، سجلت الفضة أداءً أقوى نسبيًا مع ارتفاع بنسبة 1.3% لتصل إلى 53 دولارًا للأونصة. الفضة تتجه نحو تحقيق أفضل أسبوع لها منذ سبتمبر 2024، برتفاع إجمالي بلغ 9.7% منذ بداية الأسبوع.

البلاتين أيضًا ارتفع بنسبة 1% إلى 1,596.10 دولار للأونصة، بينما حقق البلاديوم مكسبًا أكبر بنسبة 1.4% إلى 1,446.31 دولار للأونصة. تعكس هذه الحركات المشتركة استمرار الطلب على المعادن النفيسة كملاذات آمنة.

ماذا بعد نهاية الأسبوع؟

يدخل الذهب منطقة حاسمة مع اقتراب نهاية تداولات الأسبوع. عادة ما يميل المتداولون إلى تهدئة مراكزهم في أيام الجمعة، وهو ما قد يزيد من احتمالات حدوث تذبذبات إضافية أو عمليات جني أرباح إضافية بالقرب من مستويات المقاومة.

السيناريو الصاعد يبقى السيناريو الأساسي طالما ظل الذهب محافظًا على مستوى 4,171 دولار. اختراق منطقة 4,200 دولار سيكون الشرط الضروري لاستئناف الموجة الصاعدة نحو أهداف أعلى.

في المقابل، إغلاق تحت 4,171 دولار قد يعيد الضغط البيعي إلى الواجهة ويؤخر رحلة الذهب نحو مستويات قياسية جديدة. الأسبوع القادم سيحمل بيانات اقتصادية مهمة قد تلقي الضوء على اتجاه السياسة النقدية الأمريكية، وهو ما سيكون محفزًا رئيسيًا لحركة أسعار الذهب.