تطورات سوق الذهب: دراسة شاملة لحركة الأسعار في 14 نوفمبر 2025

الخلفية العامة لتحركات أسعار الذهب

شهدت أسواق المعادن النفيسة، وخاصة الذهب، تذبذبات حادة خلال نهاية الأسبوع الماضي، حيث تأثرت بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية المتزامنة. بعد انتهاء أطول إغلاق حكومي أمريكي في التاريخ الذي استمر 43 يومًا، دخلت الأسواق فترة إعادة تسعير جماعية انعكست مباشرة على معنويات المستثمرين. اتجه المضاربون والمستثمرون نحو جني الأرباح بشكل واسع، خاصة بعد التحركات الصعودية القوية التي سبقت إعادة فتح الحكومة. تعكس هذه التفاعلات سريعة الحدوث الطبيعة الحساسة لسعر الذهب تجاه التطورات الاقتصادية الكلية والقرارات السياسية.

محركات الأسعار الرئيسية

تأثير إعادة فتح الحكومة الأمريكية على ديناميكيات السوق

أسفر انتهاء الإغلاق الحكومي عن موجة بيع واسعة شملت معظم فئات الأصول بما فيها المعادن والسلع والأسهم. عندما عادت السيولة الرسمية للسوق، أعاد المشاركون حساب توقعاتهم بناءً على المعلومات المتاحة حديثًا والسياق الاقتصادي المتغير. كان الجانب المظلم من هذا الحدث هو فقدان بيانات اقتصادية حيوية خلال فترة الإغلاق، خاصة مؤشرات سوق العمل التي تشكل عنصرًا أساسيًا في قرارات السياسة النقدية. غياب هذه البيانات زاد من حالة عدم اليقين لدى متخذي القرارات، مما أضعف ثقة المستثمرين في القراءات الاقتصادية المستقبلية وأثر بشكل مباشر على توقعات الفائدة والتضخم.

تراجع احتمالات خفض الفائدة والضغط الناتج عنه

شهدت احتمالات خفض سعر الفائدة الأمريكية في ديسمبر انكماشًا ملحوظًا، حيث انخفضت من 64% إلى حوالي 51% وفقًا لأدوات تتبع توقعات السياسة النقدية. يعزى هذا الانخفاض في الغالب إلى تصريحات حذرة صادرة عن عدة أعضاء بارزين في الاحتياطي الفيدرالي، الذين أكدوا على الحاجة لرؤية بيانات اقتصادية أقوى قبل الشروع في أي تخفيضات إضافية. أضاف رئيس البنك المركزي نبرة تشددية بتحذيره من أن مزيد التخفيضات هذا العام ليست مضمونة. هذا التحول في النبرة قلل من الزخم الصعودي للذهب على المدى القصير، لأن السعر المنخفض للفائدة يجعل الأصول التي لا تحمل عوائد مثل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين.

الدولار الأمريكي وعوائد السندات: قوى متعارضة

ظهرت ديناميكية مثيرة للاهتمام بين العملة الأمريكية والمعادن النفيسة. شهد مؤشر القوة النسبية للدولار DXY انخفاضًا متتاليًا للجلسة الثانية، مما جعل الذهب أكثر رخصًا للمشترين الأجانب وعزز طلبهم عليه. في المقابل، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما رفع من تكلفة الفرصة البديلة لاحتفاظ المستثمرين بمعدن لا يدر دخلًا مباشرًا. هذا التوازن بين القوتين المتعارضتين خلق نطاقًا سعريًا محدودًا نسبيًا، حيث تحرك الذهب بين 4,151 و4,201 دولار للأونصة خلال جلسة الجمعة.

أداء السعر وتحليل الحركات قصيرة المدى

الجلسة الآسيوية والتحركات الصباحية

بدأ الذهب تداولاته يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 عند مستوى 4,171 دولار للأونصة، حيث سجل خلال ساعات الجلسة الآسيوية تقلبات متعددة الاتجاهات. تأرجح السعر بين 4,171 و4,201 دولار، مع محاولات متكررة للوصول إلى أعلى مستوى أسبوعي بلغ 4,244.94 دولار. دعمت عمليات الشراء على التراجعات المؤقتة، وهي إشارة على استمرار الطلب الأساسي. غير أن موجة بيع واسعة عقب إعادة فتح الحكومة الأمريكية أجبرت الأسعار على التراجع التدريجي من قممها. رغم هذا التراجع المؤقت، احتفظ الذهب بمكاسب أسبوعية تجاوزت 5.4%، مما يشهد على القوة الأساسية للاتجاه الصاعد والطلب المستمر عليه كملاذ آمن.

معنويات السوق وأنماط جني الأرباح

تعكس معنويات السوق الحالية توازنًا حساسًا بين رغبة المستثمرين في الربح السريع والحاجة الأساسية للتحوط من المخاطر. يميل المتداولون بشكل تقليدي إلى تصفية مراكزهم الرابحة مع اقتراب نهاية الأسبوع، مما يخلق ضغطًا بيعيًا متوقعًا. هذا النمط السلوكي أدى إلى انحسار الأسعار من القمة الأسبوعية عند 4,244.94 دولار، لكنه لم ينجح في القضاء على الاتجاه الصاعد الأوسع. توازن المستثمرون بين رهان طويل الأجل على استمرار الضعف الاقتصادي والتضخم، وبين احتياجهم لتأمين الأرباح قصيرة المدى.

التحليل الفني: مستويات الدعم والمقاومة

المناطق الحرجة على الإطار الزمني قصير المدى

تتشكل المقاومة الأساسية في منطقة 4,188 إلى 4,200 دولار، حيث حاولت الأسعار اختراقها عدة مرات خلال جلسة اليوم دون نجاح حاسم. يمثل هذا النطاق السقف التقني الأهم للحركة الراهنة، وأي اختراق واضح صعودًا عنه قد يفتح الطريق للمزيد من الارتفاعات. المستوى الثاني للمقاومة يقع عند 4,270 دولار، حيث قد يواجه السعر ضغطًا من جني الأرباح على أساس متوسط المدى قبل محاولة التقدم نحو مستويات أعلى. أما القمة التاريخية عند 4,381 دولار فتبقى الهدف الاستراتيجي الأبرز للمشترين، وتحديد ما إذا كان الذهب سيتجاوزها أم سيرتد يعتبر محطة فاصلة بين سيناريوهات النمو المختلفة.

على جانب الدعم، يقع أول حاجز دعم عند 4,171 دولار، وهو المستوى الذي يحدد ما إذا كانت الموجة الصاعدة الحالية ستستمر أم ستنقلب إلى تصحيح أعمق. كسر هذا المستوى قد ينقل الأسعار نحو 4,046 دولار، وهو حجر الأساس للاتجاه الصاعد الأسبوعي بأكمله. في حالة توسع التصحيح بشكل أكبر، يأتي دعم رئيسي آخر عند 3,928 دولار، حيث يمثل خط الدفاع الأخير قبل الدخول في مرحلة هبوطية أوسع.

مؤشرات الزخم والاتجاهات

يتحرك مؤشر القوة النسبية RSI حاليًا في النطاق 60-67 نقطة، وهو يعكس زخمًا إيجابيًا واضحًا دون الوصول إلى منطقة التشبّع الشرائي التي تبدأ فوق 70 نقطة. يعني هذا أن هناك مساحة إضافية للنمو قبل أن يصل السعر إلى مستويات مبالغ فيها. على الإطار الزمني لأربع ساعات، يظهر الذهب في حالة تعافٍ تدريجي، مع استقرار الأسعار فوق عدة قمم فرعية وتكوين قاع صاعد جديد، وهي إشارات كلاسيكية على رغبة المشترين في إعادة السيطرة على السوق.

السيناريوهات المتوقعة للمرحلة القادمة

السيناريو الصاعد

يبقى السيناريو الصعودي هو الأقرب للتحقق طالما احتفظ الذهب بمستوى الدعم الحرج عند 4,171 دولار. في هذا السيناريو، قد يشهد المعدن النفيس اختراقًا واضحًا للمقاومة عند 4,188-4,200 دولار خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، مما يسمح للأسعار بالارتفاع نحو 4,270 دولار أولًا. استئناف الاتجاه الصاعد بقوة قد يقود لاحقًا إلى اختبار القمة التاريخية عند 4,381 دولار أو حتى تجاوزها نحو مستويات جديدة.

السيناريو الهبوطي

في حالة كسر مستوى الدعم عند 4,171 دولار، قد ينزلق السعر نحو منطقة 4,046 دولار، التي تشكل الحد الأدنى لاستمرار الاتجاه الأسبوعي. تجاوز هذا المستوى قد يشير إلى بداية موجة تصحيحية أعمق قد تمتد نحو 3,928 دولار.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

لم تقتصر التحركات الإيجابية على الذهب وحده. سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 1.3% لتصل إلى 53 دولار للأونصة، مع مسار نحو أفضل أداء أسبوعية لها منذ سبتمبر 2024 برفع 9.7% منذ بداية الأسبوع. شهد البلاتين ارتفاعًا متوازيًا بنسبة 1% ليصل إلى 1,596.10 دولار للأونصة، بينما حقق البلاديوم مكاسب 1.4% عند 1,446.31 دولار للأونصة. تؤكد هذه التحركات الموحدة بين مختلف المعادن النفيسة أن الأسواق ما تزال تستجيب للعوامل الكلية والمخاطر الجيوسياسية المستمرة.

الخلاصة

يدخل الذهب مرحلة حساسة من النقطة الفنية، حيث سيحدد تجاوز المقاومة عند 4,188-4,200 دولار أو كسر الدعم عند 4,171 دولار المسار المستقبلي القريب. بقاء الأسعار فوق 4,171 دولار يبقي الباب مفتوحًا أمام استمرار الاتجاه الصاعد، بينما يتطلب اختراق 4,200 دولار لتأكيد قوة هذا الاتجاه نحو المناطق العليا. ستلعب البيانات الاقتصادية الجديدة والتطورات في رؤية السياسة النقدية دورًا محوريًا في تحديد ديناميكيات الأسبوع المقبل.