
يُعد مصطلح BUIDL أحد المصطلحات الرائجة لدى مجتمع العملات الرقمية، ويأتي كتحوير لكلمة "HODL"، ليعبّر عن فلسفة تؤكد أهمية التركيز على تطوير مشاريع البلوك تشين الفعلية بدلاً من متابعة المضاربات قصيرة الأجل خلال تغيرات السوق. تشجع هذه الفلسفة المطورين ورواد الأعمال على بناء تطبيقات وخدمات وبنية تحتية تقدم قيمة حقيقية تسهم في تعزيز تبني تقنية البلوك تشين وفائدتها على المدى الطويل، بدلاً من التركيز المفرط على تقلبات السوق المؤقتة.
ظهر مفهوم BUIDL عام ٢٠١٨ تقريباً عندما تعرض سوق العملات الرقمية لتصحيح حاد أدى إلى تراجع كبير في قيمة العديد من المشاريع. وفي هذا السياق، بدأ قادة القطاع يسلطون الضوء على أن القيمة الحقيقية للبلوك تشين لا ترتبط بتحركات الأسعار قصيرة الأجل، بل تنبع من تطوير حلول تقنية تعالج مشكلات واقعية. يمثل هذا المصطلح تحريفاً متعمداً لكلمة "build"، ويستمد روحه من مصطلح "HODL" (الاحتفاظ بالعملات الرقمية بدلاً من بيعها)، ليعبر عن الإصرار على الاستمرار في التطوير حتى خلال فترات ركود السوق.
تتجسد آلية عمل BUIDL في أنشطة المطورين اليومية، مثل كتابة البرمجيات، واختبار التطبيقات، وتحسين البروتوكولات، وتطوير واجهات مستخدم فعّالة. وتتميز عملية تطوير البلوك تشين عن تطوير البرمجيات التقليدية بضرورة مراعاة عوامل خاصة، مثل اللامركزية، وآليات الإجماع، واقتصاديات التوكنات، والأمان. وتتبنى غالبية مشاريع البرمجيات مفتوحة المصدر نموذجاً يتيح للمطورين من كافة أنحاء العالم التعاون والمساهمة في بناء منظومة ابتكارية متكاملة. وتُعتبر مؤتمرات المطورين، والهاكاثون، وبرامج المنح المخصصة للمطورين من الركائز الأساسية التي تدعم ثقافة BUIDL، حيث توفر منصات وموارد مبتكرة لتعزيز النمو.
ورغم التفاؤل الذي تولده فلسفة BUIDL، إلا أنها تواجه العديد من العقبات والمخاطر. فالتطوير طويل الأجل دون نماذج أعمال واضحة قد يؤدي إلى استنزاف الموارد المالية. كما أن وتيرة التطور التقني السريعة قد تتسبب في استبدال الحلول المطورة بتقنيات جديدة، ما يعرّض استثمارات المطورين للمخاطر. ويظل الغموض التنظيمي تحدياً دائماً، إذ يمكن أن تفرض التغيرات التشريعية قيوداً تحد من بعض الابتكارات. كما أن على مشاريع البلوك تشين تحقيق قاعدة مستخدمين كبيرة للاستفادة من تأثيرات الشبكة، وهو ما يصعب تحقيقه في المراحل الأولى من المشروع. ويضاف إلى ذلك تحدي إيجاد التوازن بين الكمال التقني والجدوى التجارية.
تجسد فلسفة BUIDL القيم الجوهرية لصناعة البلوك تشين، من خلال دفع عجلة التطور التقني باستمرار وتطوير تطبيقات عملية تُحدث فارقاً حقيقياً. تذكّر هذه الفلسفة العاملين في المجال بأن الثورة الحقيقية في البلوك تشين لا تقاس بتقلبات الأسعار الآنية، بل بمدى قدرتها على إيجاد حلول واقعية وانتشار التطبيقات العملية. ومع تقدم الصناعة ونضجها، ستبقى روح BUIDL محفزاً للمطورين ورواد الأعمال للاستمرار في خلق قيمة مستدامة ضمن هذا القطاع التقني التحولي.


