سلسلة Bridge

تُعد جسور البلوكتشين جزءاً محورياً من بنية العملات الرقمية، إذ تتيح نقل الأصول والبيانات بسهولة بين شبكات بلوكتشين مختلفة. ومع تطور التكنولوجيا وتعدد الشبكات المستقلة، أصبحت الأصول الرقمية موزعة بين شبكات متعددة، وجاءت جسور البلوكتشين كحلول تقنية متقدمة لمعالجة هذا التفرّق. باستخدام بروتوكولات متخصصة وعقود ذكية، تمكّن الجسور المستخدم من التفاعل بين السلاسل مع الحفاظ على قيمة الأصول، مما يعزز السيولة ويزيد من قابلية التشغيل البيني ضمن منظومة العملات الرقمية.

خلفية: نشأة جسور البلوكتشين

انبثق مفهوم جسور البلوكتشين نتيجة تحديات التشغيل البيني التي واجهت القطاع. في البداية، كانت شبكات مثل Bitcoin و Ethereum معزولة وغير قادرة على التواصل أو تبادل القيمة مباشرة. ومع النمو السريع للعملات الرقمية في عام 2017، تصاعدت الحاجة إلى حلول تواصل بين السلاسل.

شهد تطوير جسور البلوكتشين مراحل رئيسية:

1. الجسور المركزية (الجيل الأول): تدير جهات مركزية الجسور، ويجب على المستخدم الوثوق بمؤسسات محددة لنقل الأصول بين السلاسل.
2. الجسور الفيدرالية: تعتمد التوقيع المتعدد، حيث يتحقق عدة مشاركين وينفذون العمليات عبر السلاسل بشكل جماعي.
3. الجسور اللامركزية: تعتمد العقود الذكية والبراهين التشفيرية لتقليل الاعتماد على الثقة وتعزيز الأمان.
4. جسور تجمع السيولة: تتيح التبادل السريع بين السلاسل عبر تجمعات أصول مودعة مسبقاً، مما يحسن تجربة المستخدم بشكل كبير.

آلية العمل: طريقة تشغيل جسور البلوكتشين

يرتكز تشغيل جسور البلوكتشين على آليات إقفال الأصول وإصدار أو فك الأصول المغلفة وإتلافها:

1. نموذج إقفال الأصول والإصدار

   • يقفل المستخدم أصوله في عقد ذكي على السلسلة المصدرية
   • يتحقق الجسر من عملية الإقفال ويصدر كمية مكافئة من الأصول المغلفة على السلسلة المستهدفة
   • غالباً ما تمثل الأصول المغلفة رموزاً رقمية للأصول الأصلية

2. آليات التحقق

   • الجسور المركزية: تعتمد أطرافاً ثالثة موثوقة للتحقق من المعاملات العابرة للسلاسل
   • الجسور اللامركزية: تستخدم براهين تشفيرية وآليات إجماع للتحقق من صحة العمليات
   • الجسور الهجينة: تجمع بين كفاءة المركزية وأساليب تحقق أمان اللامركزية

3. طرق التنفيذ التقنية

   • عقود القفل الزمني والتجزئة (HTLCs): توفر أماناً للمعاملات عبر قفل زمني وتجزئة
   • سلاسل الترحيل: سلاسل وسيطة تتحقق وتنقل الرسائل بين السلاسل
   • التحقق بواسطة عقدة خفيفة: تشغيل عُقد خفيفة من السلسلة المصدرية على السلسلة المستهدفة للتحقق من العمليات
   • آليات التوقيع المتعدد: يُوقع عدة أطراف مجتمعين لإجازة نقل الأصول بين السلاسل

المخاطر والتحديات في جسور البلوكتشين

على الرغم من أن الجسور تحل مشكلات التشغيل البيني، إلا أنها تخلق مخاطر وتحديات جديدة:

1. مخاطر الأمان

   • ثغرات العقود الذكية: العيوب في عقود الجسور قد تسبب خسارة للأموال
   • مخاطر مصادر البيانات الخارجية (Oracle): الاعتماد على مصادر بيانات خارجية للتحقق قد يخلق نقطة ضعف حرجة
   • مخاطر التواطؤ: احتمال تواطؤ المدققين في الجسور الفيدرالية لتنفيذ أعمال خبيثة

2. قيود تقنية

   • اختلافات الحسم النهائي: تباين آليات التأكيد بين السلاسل يؤدي إلى تأخير في المعاملات العابرة للسلاسل
   • تحديات القابلية للتوسع: قد تصبح العمليات بين السلاسل بطيئة ومكلفة عند ازدحام الشبكة
   • اختلاف نماذج الحالات وآليات الإجماع بين الشبكات يزيد من تعقيد الربط

3. حوادث أمان تاريخية

   • كانت الجسور أهدافاً رئيسية لهجمات القراصنة تاريخياً
   • في عام 2022، تجاوزت قيمة الهجمات على بروتوكولات الجسور 2 مليار دولار
   • من أبرز الحوادث الأمنية: استغلال Ronin Bridge، Wormhole، و Poly Network

تتطور تقنية الجسور بشكل مستمر لتعزيز الأمان وتقليل مخاطر المركزية. كما تتحسن تجربة المستخدم مع انتشار تقنيات براهين المعرفة الصفرية وبراهين الصلاحية، وتَعِد الجسور من الجيل القادم بحلول فعّالة للكثير من التحديات الحالية.